فصل: العاشــر في الرجوع عــن الشهادة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة في فروع المالكية ***


التاســـع في الشهادة على الشهادة

وفي الكتاب‏:‏ تجوز الشهادة على الشهادة في الحدود، والطلاق، والولاء وكل شيء، وتجوز شهادة رجلين على شهادة عدد كثير، ولا يقبل أقل من اثنين عن واحد؛ لأن أحياء الواحد تصرف يحتاج إثباته إلى ما تحتاج إليه التصرفات، ولا يقبل في النقل واحد من يمين الطالب في مال؛ لأنها بعض شاهد، والنقل ليس بمال، ولو أجيز دلك لم يصل إلى قبض المال إلى يمينين، وقضى النبي صلى الله عليه وسلم في الأموال بشاهد ويمين واحدة‏.‏ وتجوز شهادة النساء على الشهادة في الأموال مع رجل في المال أو الوكالة عليه، ينقلن عن رجل أو امرأة، وأن كثُرن فلا بد من رجل، وقاله أشهب، وقال غيره‏:‏ لا تجوز شهادتهن، وقال غيره‏:‏ تمتنع فيه شهادتُهن على الشهادة ولا على وكالة في مال، قال ابن القاسم‏:‏ وما تمتنع فيه شهادتهن لا ينقلن فيه الشهادة عن غيرهن معهن رجل أم لا، قال ابن يونس‏:‏ إنما ينقل عن مريض أو غائب إلا النساء فينقلن عن الحاضرة الصحيحة؛ لأن الأنوثة عذر كالمرض، ولا ينقل في الحدود إلا في غيبة بعيدة بخلاف اليومين والثلاثة، ويجوز في مثل هذا في غير الحدود، ولا ينقل عن غير العدول إلى القاضي ليلا يغلظ فيقضي بها قاله في الموازية، وقال أشهب‏:‏ إن لم يعرفوهم بالعدالة، والقاضي يعرفهم أو عدلهم غيرهم جاز؛ لأن المقصود هو الوثوق بقول الأصل، قال أصبغ‏:‏ يشترط أن يعلم القاضي أن المعدل هو المنقول عنه؛ ليلا يجعل اسمه لغيره، قال مطرف‏:‏ فإن قالوا‏:‏ كانوا يوم تحملنا عنهم عدولا ولا ندري اليوم حالهم، رُدت شهادتهم حتى يعلموا أنهم غُيب أو أموات، فلعلهم حضروا، ورجعوا عن شهادتهم، أو نسوها أو ذهبت عدالتهم، قال مطرف‏:‏ إذا سمعت رجلا يشهد عند القاضي جاز النقل عنه، وقال أصبغ‏:‏ يمنع حتى يشهد على قبول القاضي لتلك الشهادة، وهو أشبه بظاهر المدونة‏.‏

قال عبد الملك‏:‏ إذا شهد رجلان على شهادة رجل، وأحدهما وثالث على شهادة آخر في ذلك الحق يمتنع؛ لأن بواحد أحيا شهادتهما، وأجازه ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ واحد له جمع الرجلين، فلو كان معهما آخر ينقل عنهما جاز عنده، فكيف وهو مع رجلين كل واحد منهما ينقل عن رجل أقوى، قال ابن القاسم‏:‏ إذا شهد ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ امتنع آخر عن رجل امتنع، لأن واحدًا أدى الشهادة، وتجوز شهادتك ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ إذا قدم الأصل فأنكر أو شك عن قرب أو بعد امتنع النقل، قال مالك‏:‏ وينقض الحكم، وعنه ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ لا غرم عليها وهذا أصوب، ولو كان قبل الحكم سقطت الشهادة كالرجوع عن الشهادة، قال ابن القاسم‏:‏ يجوز في الزنا شهادة أربعة على أربعة، أو اثنين على اثنين، واثنين على اثنين آخرين حتى يتم أربعة من كلتا الناحيتين، وقال عبد الملك‏:‏ إذا شهد أربعة على شهادة كل واحد من الأربعة جازت، وإلا تفرقوا جلو لسان على كل واحد؛ لأن النقل حكم بدني كالقتل يلغي فيه اثنان، ويجوز في تعديلهم ما يجوز في تعديل غيرهم‏:‏ اثنان على كل واحد، وأربعة على جميعهم، قال مطرف‏:‏ لا يجوز إلا أربعة على كل واحد من الأربعة؛ لأنها شهادة في الزنا فيستوي الأصل مع الفرع فلا بد من ستة عشر ولو

شهد ثلاثة على الرؤية فلا ينقل عن الرابع وحده؛ لأنه لابد من أربعة يجتمعون على الرؤية، ولا يعدل كل واحد من شهود الرؤية إلا أربعة، قال اللخمي‏:‏ متي أمكن الأصل أن يؤدي عن نفسه لا يؤدي غيره لإمكان ريبة عنده، وشهادة الأصل أحوط؛ لأن الخلل ممكن على الأصل وعلى الفرع، فحال واحد أقرب للصواب، وهو من حق المشهود عليه، والغيبة قيل‏:‏ اليومان، قاله ابن القاسم في المال، وفي الحدود يكفي ذلك،وقاله سحنون، وقيل‏:‏ مسافة القصر في المال وغيره، ويجوز نقل النساء عن رجل، ولامرأتين شهدتا على طلاق أو قتل أو عتق، فيحلف الزوج أو السيد، ويقسم الأولياء، ولا يصح نقل امرأتين منفردتين في شيء من ذلك، كما يمتنع رجل عن رجل وامرأتين، وجوز أصبغ نقل امرأتين شهدتا على ولادة واستهلال قياسا على الاكتفاء بهما في الأصل، ومنع ابن القاسم إلا رجلا واحدًا وامرأتين وومنع نقل أربع نسوة؛ لأن الأول أجيز للضرورة لما كان لا يحضر غيرهن، بخلاف النقل، وقد منع أشهب نقلهن مطلقا؛ لأن النقل لا يثبت بشاهد ويمين‏.‏

قال صاحب البيــان‏:‏ تمنع شهادة أربعة على أربعة في الزنا إلا أن يشهدوا معاَ على كل واحد من الأربعة، فإن افترقوا فالتحمل عنهم، فشهد الأربعة اليوم على أحدهم، وغدا على الثاني، وكذلك إلى الرابع، امتنع، إلا على القول بجواز تفرق الأصول في الأداء، ويشترط ابن القاسم أن يكون الأربعة نقلوا عن زناى واحد، في زمن واحد، في مكان واحد، وأن يؤدي الفروع مجتمعين كالأصول،وكل ما هو معتبر في الأصول معتبر في الفروع، قال صاحب المنتقى‏:‏ إذا سمعته يقُص شهادته لا تنقلها عنه حتى يشهدك على ذلك؛ لأنه في غير وقت الأداء قد يترك التجوز، وأنت معه كالحاكم إن لم يسمعه لم يحكم بشهادته حتى يؤديها عنده، قالهُ مالك، ولو سمعته يُشهد غيرك على شهادته‏:‏ قال ابن المواز‏:‏ لا تشهد أنت بخلاف المقِر، قال‏:‏ وهو على خلاف فيمن‏.‏‏.‏ سمعته يؤدي عند الحاكم، منع أشهب النقل عنه، وأجازه مطرف إذا مات القاضي أو عُزل، ومنع أصبغ حتى يُشهدك أو تشهد أنت على قَبول القاضي تلك الشهادة‏.‏

تنبيه‏:‏ اتفق الناس في الشهادة على الشهادة في المال، وقاله ‏(‏ش‏)‏ في حُقوق الله تعالى في أحد قوليه، وقال ‏(‏ح‏)‏ وابن حنبل‏:‏ لا تقبل في قصاص ولا حد؛ لنا‏:‏ عموم قوله تعالى ‏(‏شَهيِدين مِن رِجالكُم‏)‏ و‏(‏ذَوي عَدل مِنكُم‏)‏ ولم يخص أصلا من فـرع؛ لأن القصاص حق لآدمي كالمال؛ لأنها إذا جازت في المال للحاجة ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ أولى في القصاص أشد، وأن، الشهادة على الإقرار بالزنا تجوز، وهو إخبار عن الفعل، وذلك الإخبار عن الشهادة‏.‏

احتجــوا‏:‏ بأن النقل خلاف القياس؛ لأن الشاهد ينقل للحاكم حقاَ لزم غيره ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ الشهادة ‏[‏‏.‏‏.‏‏]‏ حقاَ تلزم؛ لأنك لو ادعيت على شاهد ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ عليه بينة، ولأن الفرع يترتب على شهادة إقامة الحد، وهو لم يعلمه بذلك ‏[‏‏.‏‏.‏‏]‏ صلى الله عليه وسلم ‏(‏إذا رأيت مثل هذه الشمس فاشهد، وإلا فدَع‏)‏ ولأن الحاكم يحكم في ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ على شهادة الأصل، وهو لم يؤد عنده، فهو حكم بشهادة لم تؤد عند حاكم ترك هذا القياس في معارضة الإجماع، فيستعمل في صور النزاع؛ لأن الحدود تسقط بالشبهة، وتوهم الغلط في الفرع مع ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ الأصل شبهة معتبرة بدليل أن الفرع لا يُقبل مع وجود الأصل، ولأن الستر مكتوب في الحدود، فلا ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ إلى إقامتها، وشهادة الفرع إنما إجيزت للحاجة، وهذا فرق يمنع صحة القياس على المال مع عدم النص، فتنحسم مادة مشروعيتها‏.‏

والجواب عن الأول‏:‏ أن الشهادة حق واجب بالإجماع، ويقضي كاتبها، وإنما امتنعت إقامة البينة عليه؛ لأن من شرط البينة الإنكار، والشاهد إذا أنكر بطل ما عنده من الشهادة، والحديث حجة لنا؛ لأن الفرع إنما شهد بما سمعه من الأصل، وهو معلوم له بحاسة السمع، وأما قولكم‏:‏ هو حكم الشهادة لم تؤد عند حاكم، فممنوع، بل نقل الفرع قام مقام الأصل، والحدود أن يتقي هي أن وعدلها‏.‏

وعن الثانــي‏:‏ أن هذا الاحتمال شبهة متنازع فيها فنحن نمنعها، والشبهة ثلاثة أقسام‏:‏ مُجمع على اعتبارها، وعلى إلغائها، ومختلف فيها فلا ينتفع الخصم إلا بالمجمع على اعتباره‏.‏

وعن الثالث‏:‏ أنه ينتقض بشهود الأصل فإن قبولهم يأتي الستر، وهم لا حاجة إليهم؛ لأنهم أمروا بالكتم والستر، ووافقنا الأئمة على أن الفروع إذا زكوا الأصول ولم يذكروا نسبهم وأسماءهم لا يقبل، وأنك لا تشهد عليه حتى يقول لك‏:‏ اشهد على، لي، اشهد بكذا، ووافقنا ‏(‏ش‏)‏ و‏(‏ح‏)‏‏.‏ على أنه لابد من شاهدين على كل واحد من الأصول، وقال ابن حنبل‏:‏ يكفي شاهدان على شاهدين، فيكفي على أحد الأصلين واحد، وعن الآخر آخر،لنا‏:‏ قياس كُل واحد من الأصول على الإقرار بجامع الإخبار، ظاهر قوله تعالى‏:‏ ‏(‏واستشهِدُوا شَهِيدين من رِجالِكُم‏)‏ وقوله تعالى ‏(‏وأشهِدوُا ذَوي عَدلِ مِنكُم‏)‏‏.‏ احتجــوا‏:‏ بقياس الفرع على الأصل، ولأن الفرع لا ينقل حقًا لازما للأصل فيستعدي فيه الواحد كالرواية‏.‏

والجــواب عن الأول‏:‏ أن الأصل إذا انفرد واحد منهم لا بد معه في الحق

الواحد من شاهد آخر أو يمين، والاخباران عن الأصلين حكمان، فلا يكفي في أحدهما واحد، قياسا للفـــرع على الأصل فتنقلب النكتة عليكم‏.‏

وعن الثانــي‏:‏ أن الرواية حق عام في الأعصار والأمصار، فلا تتوهم فيه العداوة، فاكتف فيه بالواحد، وهذا خاص مما يتوهم فيه العداوة فهو بالشهادة أليق فيشترط فيه العدد‏.‏

فـــرع

في الجــواهر‏:‏ طرؤ الموت والغيبة والمرض والجنون على شهود الأصل لا يمنع من وصف أشرف، وبقاء حكمه شرعاَ‏,‏ وهذه الأوصاف تمنع بقاء الشرف ومعنى العداوه شرعاَ، وإذا بطل الأصل بطل الفرع‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ وليس على الفرع تزكية الأصول، وإن زكوهم ثبتت عدالتهُم وشهادتهُم بقولهم، ليس عليهم أن يشهدوا على صدق شهود الأصل؛ لأنهم لم يعاينوه‏.‏

العاشــر في الرجوع عــن الشهادة

في المغني‏:‏ عن أبي ذئب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في شاهد ثم رجع عن شهادته بعد أن حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم قضي ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ شهادته، الأولى لأهلها، وهي الشهادة، والأخيرة باطلة، وفي الجواهر ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ أن جميع أصحابه يرون أن يغرم ما تلف بشهادته إذا أقر بتعمد الزور، قاله محمد، قال عبد الملك‏:‏ إن لم يقرا بتعمد الزور لم يغرما، قال ابن القاسم وأشهب‏:‏ إن قالا قبل الحكم‏:‏ بل هو هذا لرجل آخر، وقد وهمنا؛ لم يقبلا في الأولى ولا في الآخرة لعدم الوثوق بهما، ثم النظر في المشهود به يتعلق بأطراف ستة‏:‏

الطــرف الأول في الدماء‏:‏ وللرجوع ثلاث حالات‏.‏

الحالة الأولى‏:‏ نقل القصاص، قاله الأئمة لعدم السند، ولولم يصرح الشاهد بالرجوع‏.‏ بل قال للحاكم‏:‏ توقف في قبول شهادتي، ثم عاد فقال‏:‏ اقض فقد ذهب الشك، قال المازري‏:‏ لا يبعد أن يجري القولان الجاريان في الشاك قبل الأداء، مع أن مالكا يشترط في قبول الشاك قبل الأداء إذا رجع‏:‏ البُروز‏.‏

الحالة الثانية‏:‏ بعد انقضاء قبل الاستيفاء، قال ابن القاسم‏:‏ ليستوفي كما في المال، ومنع أصبغ، وقاله أيضا ابن القاسم لحُرمة الدم‏.‏ ورأى فيه العقل، ويقرب من قوله هذا قول محمد في رجوعه الشهود بزنا المحصن بعد الحكم وقبل النفوذ أنه لا يرجم، ويجلد جلد البكر‏.‏

الحالة الثالثة‏:‏ بعد الاستيفاء، فيغرمان الدية في الخطأ، وكذلك العمد عند ابن القاسم، ويقتص منهما عند أشهب في تعمد الكذب، إذا لم يقتلا عوقبا إذا تعمد الزور، وظهر ليهما، ولم يأتيا تائبين، ولو علم القاضي أن الشهود كذبوه وحكم وأوراق الدم؛ لكان حكمه حكمهم إذا لم يباشر العقل بنفسه، بل أمر غيره ممن تلزمه طلقه، ولو علم ولي القصاص أن القاضي علم ذلك منهم وباشر بنفسه لكان عليه القصاص إن اعترف، والشاهد معه كالشريك‏.‏

فـــرع

قال صاحب البيان‏:‏ في الدية ثلاثة أقوال في مال الشاهد‏:‏ تعمد الزور، أوشبه عليه، قال ابن القاسم و‏(‏ح‏)‏، وقال أشهب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه و‏(‏ش‏)‏‏:‏ عليه القصاص إن تعمد، وإن شبه عليه الدية في ماله؛ لأن العاقلة لا تحمل اعترافا، وهذا في معناه، والثالث، قال عبد الملك وغيره، إن تعمد ففي ماله؛ لأن العاقلة لا تحمل عمداَ ولا يقتص منه؛ لأنه ليس ملجئا للحاكم‏.‏ وأن شبه عليه فهو هَدر؛ لأنه أذن له في الشهادة بحسب اعتقاده، فيحصل في العمد قولان‏:‏ القصاص والديه في ماله، وفي البينة ثلاثة أقوال الدية في المال، وعلى العاقلة، أو هدر‏.‏ إذا رجع الشاهد أن يغرم الشاهد نصف الدية، وإن كانوا ثلاثة فرجع أحدهُم لم يلزمه شيء‏.‏ فإن رجع بعد ذلك آخر، قال ابن القاسم‏:‏ عليه وعلى الأول نصف الدية، وقال عبد الملك‏:‏ عليهما

‏.‏‏.‏ ثلث المال نظرا لأصل عددهم، فإن رجع ثلاثتهم فالمال عليهم أثلاثا، ولا خلاف إذا رجعوا كلهم أن المال على عددهم، وأن لا شيء على الرابع إذا بقي بعده نصاب‏,‏ وإنما الخلاف إذا زادوا على النصاب، فإن رجع تسعة فقيل‏:‏ عليهم نصف المال لبقاء نصف النصاب‏.‏ فإن رجع العاشر بالمال فالمال عليهم بالسواء، وقيل‏:‏ بل عليهم تسعة أعشاره، فإن رجع العشر فعليه العُشر الباقي، فإن كان الاستحقاق بشاهد ويمين‏:‏ قال عبد الملك‏:‏على الشاهد نصف الحق؛ لأن مقام الشاهد الآخر،وقال ابن القاسم‏:‏ جميع الحق؛ لأن اليمين تبع، ومتى كان رجوعه لتعمد الكذب لا تقبل شهادتهُ في الحال ولا في المستقبل، ولأنه يشبه عليه ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ في الحال والمستقبل قبل الحكم أو بعده، قاله أصبغ، وظاهر المدونة‏:‏ لا يقبل في المستقبل الحُكم بعد رجوعه ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ وإن كان قبل شبه عليه‏.‏

فـــرع

قال ابن يونس‏:‏ تقطع يد الشاهدين بيد المشهود عليه، خلافال‏(‏ح‏)‏ وروى ابن وهب‏:‏ ‏(‏أن عليا بن أبي طالب رضي الله عنه شهد عنده اثنان على رجل بالسرقة فقطع يده، ثم أتيا بآخر وقالا‏:‏ كنا وهمنا، وهذا هو، فأبطل شهادتهما عن الآخر، وأغرما دية الأول وقال‏:‏ لو أعلمكما تعمدتما قطعهُ لقطعتكما‏)‏ فأكثر الأصحاب على ضمان الدية في النفس واليد والعمد والخطأ، ولو شهد بقطع يده قصاصا فحكم به، ثم رجعا‏:‏ قال محمد‏:‏ لا يقتص منه قاله سحنون‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا شهدا على والي الدم أنه عفا، أو على المجروح أنه عفا فحكم بإسقاط القود، ثم رجعا؛ لا يضمنان شيئا؛ لأنهم لم يتلفا مالا، ولا قصاص على

الجاني للحكم بسقوطه كما تقدم من فعل الخلفاء رضي الله عنهم، ويجلد القاتل فإنه ويحبس سنة، ويؤدب الشاهدان، وقال ابن الحكم‏:‏ يغرمان الدية؛ لأنه كان له في أحد قولي مالك أن يقبل أو يأخذ الدية، قال سحنون‏:‏ ولو كانت شهادتهُما أنه عفا على مال، فلا شيء للي القصاص للحكم بسقوطه، ويغرمان الجاني ما خرج من يده، ويؤدبان‏.‏

فـــرع

في النوادر‏:‏ قال الموازية‏:‏ شهد أربعة أن العبد قتل حُرا، وقال اثنان منهم‏:‏ أعتقه سيده قبل الجناية فقتل، ورجع الأربعة وأقروا بالزور، فعلى الأربعة دية حُر لورثته الأحرار، ويرجع سيده والشاهدان على أنه عبد على شاهدي الحرية‏:‏ السيد بقيمة عبده ما بلغت لأنهما منعاه منها، والشاهدان بالرق بما زادت نصف الدية على نصف القيمة؛ لأنه لولا شهادتهُما بالحرية لم يغرما إلا نصف قيمة العبد، قال محمد‏:‏ الصواب‏:‏ على الأربعة قيمهُ المقتص منه، قيمة عبد للسيد؛ لأن شهادة الحرية لم تتم، ولرجوع من شهد به، ولو رجع شاهدا الرق فقط، أو شاهدا الحرية فقط، فلا شيء عليهما لبقاء من يكتفى به إلا أن يرجع الباقيان بعدهما فيغرم إلا قيمة العبد لما تقدم في الأربعة، ولو شهد اثنان بالقتل، واثنان بالعتق دون القتل رجعوا جملة، فقيمته عند السيد على شاهدي القتل‏,‏ لأنهما تلفاه عليه، وكذلك إن ابتدأ بالرجوع شاهد الحرية، فإن ابتدأ الآخران غرما دية عدالتهما فإن أنفذ الحرية بشهادتهما على شهادتي القتل، لا تبطل الحرية برجوعهما لنفوذ الحكم، ويغرمان للسيد قيمة عبد،ولشاهدي القتل من غرماه من فضل الدية، فإن رجع أحد شاهدي القتل‏.‏ ثم أحد شاهدي الحرية قبله، أو أحدهما، وفرجوعها سواء أن تنفذ الحرية، ومتى رجع أحد شاهدي القتل، فعليه نصف قيمة العبد، وأما لو أقر السيد بعتقه قبل رجوع شاهدي القتل، فعليهما ديةُ حر لورثته بشهادة شاهد الحرية دون الإقرار، فإن رجع بعد ذلك شاهد الحرية لم يغرما لشاهدي القتل الأفضل ما بين قيمته ودية حر؛ لأن بشهادتهُما غًرما الدية، ولو رجع شاهد القتل بعد الإقرار ورجوع الآخرين، فعليهما قيمة عبد لورثته، لقرار سيده أنه لا حق له فيها، ولا يوجب إقراره عليهما دية‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا شهد أنه عفا على دية خطأ أو جرح خطأ أرثه أقل من ثلث الدية، والجناية ثابتة لغيرهما ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ بعد الحكم، ضمنا دية النفس وإسقاطها عن العاقلة، ويكون عليهما في ثلاث سنين، إلا أن يكون قد حلت، وما دون الثلث يضمنانه حالًا؛ لأنه ليس على العاقلة بغير تنجيم‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ قال ابن القاسم‏:‏ إذا قدم المشهود بقتله حياَ لا شيء على الإمام وعاقلته ولا الطالب، ودية المقتول في أموال البينة إن تعمدوُا أو شبه عليهم، فعلى عواقلهم، بخلاف رجوعهم، ولو صالح الولي المشهود عليه على مال رده، وإن كان عديما لم يتبع الشهود، فلو شهدوا بالخطأ وأخذت الدية من العاقلة، ردت إليهما، فإن كان عديما غرمَها الشاهدان، بخلاف رجوعهما للقطع بكذبهما هاهنا، ولو شهد بالعمد فقتل، ثم قدم حيًا‏:‏ قال سحنون‏:‏ يضمنان الدية ولا يرجعان بها على القاتل؛ لأنهما متعديان فأباحت القتل للولي، فإن كانا عديمين

رجع على القاتل؛ لأنه المتلف، ولا يرجع القاتل على الشاهدين كمن أطعم مالَكَ لغيرك، لا يعلم بتغريمه، فلك طلبُ المتعدي، ولا ترجع على الآكل، فإن كان المتعدي عديما رجعت على الآكل، ولا يرجع الآكل على المتعدي لأنه المتلف، وروي أن ولي الدم مُخير، فإن اتبع الشاهدين لم يتحول عنهما إلا أن يعدما فيتحول، فإنه لو أخذه من الشاهدين تراجعَا به على الولي، وإن اتبع القاتل لم يتحول الشهود أعدم أم لا، ولو شهدوا بالخطأ، وقدم حيًا بعد أخذ الدية من العاقلة، أخذتها العاقلة من الشهود، قال سحنون‏:‏ ولو شهدوا على إقراره، ولولي المقتول تضمين القاتل الدية إلا أن يرجعا عن شهادتهما فكما تقدم، وكذلك لا يضمنا في شهادتهما على إقراره بالقتل الخطأ، ثم يقدم حيا ويرجع دافعُ الدية على قابضها إلا أن يرجعا، ولو شهدا على شهادة شاهدين في قتل الخطأ، ثم قدم حيا رجعت العاقلة على القابض بها حالّة دون الشهود؛ لأنهم شهدوا على شهادة غيرهم، إلا أن يقِرُّوا بتعمد الكذب فكما تقدم أن للعاقلة أخذ الولي بالدية، ولا يرجع على الشهود، وإن رجعوا بها على الشهود، كان للبينة الرجوع بها على الولي‏.‏

قاعــدة‏:‏ أسباب الضمان ثلاثة‏:‏ الإتلاف، والتسبب للإتلاف كحفر البئر، ووضع اليد غير المؤمنة كيد الغاصب، والبيع الفاسد‏.‏

قاعــدة‏:‏ الإكراه يُصير فعل المكره كالعدم حيث يُعفى عن المكره، كالإكراه على الأقوال دون الأفعال، قال صاحب البيان‏:‏ الإكراه يمنع المؤاخذة بالأقوال اتفاقا نحو‏:‏ كاملة والطلاق ونحوه، ولا يمنع في الأحوال إذا كانت حقا لآدمي اتفاقا كالقتل، وفي منعه المؤاخذة إذا كانت حقًا لله تعالى‏:‏ قولان، الأظهر‏:‏ عدم المنع، وبسطهُ في كتاب الطلاق، ومقتضى هاتين القاعدتين أن يجب الضمان على الحاكم لكونه مكرهًا على فعل حرام حقا لآدمي، أكرهه الشهود بظاهر العدالة، غير أن الحكام مثابون متقربون إلى الله تعالى بتصرفهم وإن اخطئوا، فلذلك لم يضمنوا، بخلاف المكره على القتل حيث ضمناه، ولأنه لو فتح باب الضمان على ولاة الأمور لزهد في الولايات، وتمكن شهود السر من أذيتهم بالتضمين، فتعطلت مصالح الولايات من القضاء وغيره ولم يضمنوا لذلك‏.‏

الطــرف الثاني‏:‏ في الحدود،

في الجواهر‏:‏ إذا رجعوا قبل الحكم رُدت الشهادة وحدوا ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ القاتل ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ اعتفوا بتعمد ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ حدوا، وهل يقتلون أو يأخذ الدية من أموالهم، قولان لأشهب، وقال ابن القاسم ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ المباشرة، وإن لم يتعمدوا فالدية على عواقلهم‏.‏

فـــرع

في الجواهــر‏:‏ شهدوا على رجل بالزنا فرجع أحدهم قبل الحكم، حُدوا لأنهم قَذَفة، أو بعد إقامة الحد، حُد الرابع بغير خلاف لاعترافه بالقذف وهل يحد الباقون، لأن الزنا لم يثبت بأربعة أم لا لنفوذ الحكم بشهادتهم ولم يكذبوا أنفسهم‏.‏

فـــرع

قال لو كانوا ستة فرجع اثنان لم يحد الباقون لبقاء النصاب، ولابن القاسم في حد الرابع قولان؛ لأنهم قذفَة شهد بصدقهم أربعة، أو هُم مكذبون لأربعة، قال الإمام أبو عبد الله‏:‏ التحقيق إن قال الراجعان‏:‏ كذبنا ومن شهد، حُدا‏.‏ أو قالا‏:‏ لا نعتقد كذب من شهد معنا، بل الغالب صدقُهم لعدالتهم لم يُحدا‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا انكشف بعد رجوع الاثنين أن أحد الأربعة عبد، ففي الموازية‏:‏ يُحد الراجعان ويغرمان رُبع الدية لعدم النصاب، ولا غرامة على العبد لأنه لم يرجع ويحد لعدم النصاب وهو قاذف، ولا حد على الثلاثة ولا غرامة، ولو كان الأربعة أحدهم عبد، حُدوا كلهم، قال الإمام أبو عبد الله‏:‏ والفرق بين هذا وبين الأربعة الأحرار يرجع أحدهم لا يُحد الباقي‏:‏ أن الراجع أهل الشهادة، فقد انعقد النصاب في حق أصحابه، وسقطت عدالته برجوعه، فلا يُقبل قوله عليهم، والعبد ليس أهلا فلم ينعقد النصاب‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ لو رجع اثنان بعد إقامة الحد لَزمه غرم ربع الدية يدخل فيه معه من سبقت بالرجوع قَلوا أو كثروا، ويُحد كل واحد منهم رجَعوا معًا أو مفترقين، فإن رجع آخر أيضا لزمه ربع الدية، يشاركه فيه كل من رجع قبله، ويشاركهم فيما غرموا قبله، فيصير نصف الدية بين جميعهم على عددهم، فإن رجع آخر أيضا لزمه رُبع الدية يشاركه فيه كل من رجع قبله، وشاركهم فيما غرموا قبل، فيصير نصف الدية بين جميعهم على عددهم، فإن رجع آخر لريبة رجع ثلاثة أرباع الدية‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا رجع أحد الستة بعد فمع المشهود عليه في الرجم وتمادى الرجم، فأوضح مُوضحة، فرجع ثان ورجع ثالث بعد الموت‏:‏ قال محمد‏:‏ لو لم يرجع الثالث ما كان على من تقدم من رجوعه شيء، وعلى الأول سدس دية العين، وعلى الثاني مثل ذلك، وخمس دية الموضحة، وعلى الثالث رُبع دية النفس فقط، وقيل‏:‏ مضافا إلى الخمس والسدس المتقدمين، والأول أصح‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا شهد أربعة بالزنا واثنان بالإحصان، فرجع الجميع‏:‏ قال ابن القاسم‏:‏ يختص غُرم الدية بالأربعة؛ لأنهم سبب الحد ولو شاءوا لم يشهدوا، وقال أشهب‏:‏ الدية على جميعهم بمركب السلب منهم‏.‏ وإذا فرعنا على هذا قال أشهب‏:‏ يقسم أسداسا؛ لأن السلب من جميعهم، وقال محمد‏:‏ على كل فريق نصفها، فعلى كل واحد من الأربعة رُبعها، وعلى كل واحد من الأربعة الآخران، كانوا أربعة ثمنها؛ لأن العدد ليس مقصودا، وإنما القصد إثبات الوضعين‏:‏ الزنا والإحصان‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا أكذبا أنفسهما بعد حد القذف‏:‏ قال سحنون‏:‏ لا غرم في ذلك بل الأدب، وكذلك رجوعهما بعد قصاص الضرب أو اللطم لأنهما لم يتلفا مالا‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا طلبت إقامة البينة عليهما أنهما شهدا بالزور، مُكنت، فإن أقمتها قضي عليهما بالمال، وإن إقامتهما على ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ غرم نصف المال، وقال سحنون‏:‏ تحلفهما أنهما ما رجعا إذا اتجه ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ وجب، وقال ابن عبد الحَكم‏:‏ ليس لك تحليفهما‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ لو رجعا عن الرجوع و‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ قضى ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ قضى الراجع؛ لأن الرجوع ليس شهادة، بل إقرار بما أتلف بالشهادة قاله ابن القاسم‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا اطلع بعد الرجم على أنه مجبوب ففي الكتاب‏:‏ يُغرم الشهود الدية من أموالهم، وجعلها أشهب على عاقلة الإمام، قال ابن يونس‏:‏ إذا أقامت شاهدين أن زوجها رماها بالزنا، فأمر القاضي باللعان وفرق، ثم تبين أن أحدهما عبد أو محدود‏:‏ قال سحنون‏:‏ تردها لزوجها، ولا يكون قول الزوج‏:‏ أشهد بالله إني لمن الصادقين، إقرارا لأنه مقر خوف الضرب، ولو علم الزوجان كذبهما والتعنا خوفًا، فهي حلال له بينهُ وبين الله تعالى، ويكره له ذلك لئلا يعد زانيا فتُهتك حرمتهُ، ويضيع نسبه إن حملت، ولئلا يرجم، ويحرم عليه نكاح أختها وسائر أحكام النكاح باقية، وإن لم تعلم هي إلا ظاهر الأمر أبيح لها، ولو رماها الزوج بالزنا وهي تعلم كذبه، وحرمها على الحاكم باللعان، فلا يحرم عليها هي النكاح؛ لأن الزوج راض بحكم السلطان‏.‏

فـــرع

قال المازري‏:‏ إذا شهد أربعة على الزنا‏:‏ واثنان منهم على الإحصان، ورجع أحد الذين شهدا بالإحصان مع الزنا فقد أبطل رجوعه نصف الإحصان، ورفع حجة الزنا فعليه من الغرابة مثل ذلك، ولو شهدا وزكاهما اثنان وأمضاهما الحاكم، فرجع المزكيان فلا غرابة على المزكيين، قال سحنون‏:‏ لثبوت الحق بعين المزكيين، ولو شاء الشاهدان بالحق ما شهدا، قال المازري‏:‏ وهذا ينقض أصل شهود الإحصان والزنا، ونفرق بأن شهود الإحصان أثبتوا عيبا مؤثرًا في الرجم بخلاف المزكي إنما أثبتهُ مؤثرًا في قبول القول، فبعد عن الجناية في المسألتين اختلاف عندنا وعند ‏(‏ش‏)‏ قال‏:‏ ويلحق بهذا الأسلوب من غرابة تزكية من شاهدين، قال سحنون‏:‏ إذا شهد اثنان بأنه أعتق عبده وأربعة عليه بالزنا فرجم، ثم رجع الستة، غرم الاثنان قيمته للسيد؛ لأنهما حالا بينه وبينه حتى تلف، ويغرم

الأربعة ديتهُ لورثته الأحرار؛ لأن حريته ثبتت بالحكم الذي لا ينتقض بالرجوع، فلم يستحق السيد قيمته، فإن لم يكن له وارث فإنما للسيد القيمة إن غرمها شهود العتق رجعوا بها على شهود الزنا؛ لأنهم أتلفوا عينه، أو غرمها شهود الزنا لم يرجعوا على شهود العتق؛ لأنهم المتلفون، فإن السيد كان معترفًا بعتقه، ولم يرثه سواه لأخذ الدية بحكم الولاء‏.‏

فـــرع

في النوادر‏:‏ ولو شهد ثمانية عليه بالزنا والإحصان كل أربعة على زنا على حِدة، بامرأة على حدة، فرجع أحد الأربعتين بعد الرجم؛ لا حد عليهم ولا غرم؛ لأن الفريق الآخر لو انفرد لرجم به‏.‏ فإن رجع واحد من الأربعة الباقية حُد وحُد الراجعون قَبله لإقرارهم بقذف من لم يزن، وعليهم ربع الدية أخماسا ونفذ الحكم حتى لو قذفه أحد لم يُحد بل يؤدب لأدائه له إلا الراجعون متي قَذَفوا حُدوا

لإقرارهم أنهم حدوا بغير حق، ولو رجع من كل أربعة واحد لكان عليهما ربع الدية والحد لعدم النصاب في كل امرأة، فلو رجع اثنان من كل طبقة فعليهم نصف الدية أرباعا مع الحد، ولو رجع من كل فريق ثلاثة فعليهم ثلاثة أرباع الدية بين الستة مع الحد، ولو رجع الثمانية فعليهم الدية وحد القذف، ولو رجع ثلاثة ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ وواحد من الفريق الآخر فعليهم ربع الدية ‏[‏‏.‏‏.‏‏]‏‏.‏

فــرع

قال‏:‏ إذا شهد أربعة بعتقه وزناه بعد عتقه محصنًا فرجع اثنان عن الزنا، واثنان عن الزنا، وذلك بعد الرجم؛ لم يضمن الراجعان عن الزنا لنعا يتم به العتق وإن كان للمرجوم وارث بستِ فله نصف الدية على الراجعين على الزنا؛ لأنهما أتلفاه ويحدان للقذف لإقرارهما أنه حد بغير حق فإن وته سيده فقد أقر له بنصف الدية لاعترافهما بالحرية، وإن اعترف السيد بالعتق ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ نصف الدية، وإن بي على جحوده غرما له نصف القيمة إلا أن يزيد على نصف الدية‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ وإن شهدا عليه بسرقة مائة دينار فقُطع وأغرم المائة، ثم رجعا غرما نصف الدية إليه والمائة، وإن رجع أحدهما غرم نصف ذلك‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إذا وُجد أحد الأربعة بعد الرجم عبدًا حُدوا كلهم للقذف، وعلى العبد نصف حد، قال ابن القاسم‏:‏ إن علم الشهود أنه عبد فعليهم الدية في أموالهم، وإن لم يعلموا فعلى عاقلة الإمام ولا شيء على العبد في الوجهين، أما إن وُجد أحدهم مسخوطًا‏:‏ فقال ابن القاسم‏:‏ ينقض الحكم كما لو كان عبدًا أو ذميا، ويحد هو ومن تبعه من مسلم، أو حُد حد القذف، قال أشهب‏:‏ لا يرد الحكم في المسخوط، ولا يضرب هو ولا من معه، وينقض في العبد والذمي‏.‏

الطــرف الثالث‏:‏ في البُضع‏.‏

في الجــواهر‏:‏ إذا رجعا بعد القضاء بالطلاق نفذ ولا غرم عليهما؛ لأنه ليس مالا إن كان مدخولا بها‏.‏ وإن شهدا أنه تزوجها وطلقها قبل الدخول، قال ابن القاسم‏:‏ يغرمان نصف الصداق؛ لأنه الذي أتلفاه، أو على دخوله بزوجـة عبده مع إقراره بالطلاق وإنكاره الدخول فكذلك؛لإتلافهما نصف الصداق المكمل، وقال أشهب‏:‏ إذا شهدا بالطلاق قبل الدخول لا غرم عليهما، والخلاف ينظر إلى أصلين على منفعة البضع تتقدم أم لا، وهل الصداق كله يثبت بالعقد أو كله مترقب‏؟‏ فابن القاسم يراه مترقبا؛ لجواز ارتدادهما قبل الدخول فيسقط كله، فلا يلزم الشهود ما لم يلزمه، فهم كمن حاولوا بينه وبين سلعة بعد لزوم الثمن له، وهم عند أشهب كمن شهد على ولي الدم بالعفو لا يغرمان شيئا؛ لأنهما أما فرقا دما، وهي ليس بمال، ولو شهدا بطلاقها، ونكاحها ثابت بشهادة غيرهما، وشهد آخران بالدخول، وجهل شاهدا الطلاق هل هو قبل الدخول أم لا، وجهل الآخران الطلاق فلا غرامة على شاهدي الطلاق بالرجوع على مذهب أشهب وغيره، وقيل‏:‏ أكثر الرواية على خلافه، ويغرم شاهدا الدخول بالرجوع نصف الصداق بينهما، وإن رجع أحدهما غرم ربع الصداق، فإذا غرم شاهدا الدخول النصف، ثم ماتت الزوجة قبل الدخول استرجعاه؛لاعتقاد الزوج أنهما ماتت في عصمته لإنكاره الطلاق، وإذا شهدا عليه أنه طلق قبل البناء، وقضي بالنصف عند ابن القاسم، ثم مات الزوج ورجعا، غرما للمرأة فأحرماها من الميراث وما أسقط عن صداقها، ولو ماتت هي رجع الزوج عليهما بميراثه فقط؛ لا بما غرم من الصداق، وهذا إذا كان كلا الزوجين ينكر الطلاق‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا شهدا بطلاق أمة من زوجها وقضي به، وشهدا آخران أن الأولى يزوران إما لعلمهما بغيبتهما عن البلد، أو لغير ذلك، ثم رجع المكذبان، غرما للسيد ما نقص من ثمنها بما أصابها من عيب الزوج فيبقى معه، ويغرمان للسيد ما بين ثمنها ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ لو شهدا أنها اختلعت بمال، وقالت‏:‏ طلقني بغير عوض فاعتزمت، ثم رجعا، غرما ما غرمت للزوج‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ لو كان الخلع المشهود به ثمرة قبل زهوها‏:‏ قال محمد‏:‏ لا يرجع عليها حتى يجد الزوج الثمرة ويقبضها، أو عبدا آبقا قال عبد الملك‏:‏ يغرمان قيمته على أقرب صفاته، فإن ظهر بعد ذلك أنه كان ميتا عند الخلع، استردا ما غرماهُ أو معيبا استردا ما يقابل العيب، وعلى قول محمد‏:‏ إن كان حصوله قريبا أُخرت الغرامة إلى حصُوله كما قاله في الثمرة قبل هذا الفرع، أو بعيدًا غرما قيمته على الصفة التي أبق عليها، ثم رجع محمد فقال‏:‏ لا يغرمان في هذا ولا في الجنين وقبضه، وبعد وجود الآبق والبعير الشارد فيغرمان قيمة ذلك يومئذ؛ لأنه قبل ذلك تالف‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إذا شهدا عليها أنه تزوجها على مائة وخمسين، وصداق مثلها مائة، فقضي عليها، ودخل بها الزوج، ثم أقر بالزور‏.‏ نفذ الحكم، وعليهما ما أتلفاه عليها من صداق مثلها، وإن طلقها قبل البناء وثبتت على إنكارها فلا شيء لها، وإلا فلها نصف الصداق كالمرأة تدعي أن زوجها طلقها ثلاثا ولم تجد بينة فبقيت حتى ماتت وصارت وارثة، فإنها إن تمادت على دعواها فلا ميراث لها، وإلا فلها الميراث، وقال الشيخ أبو محمد‏:‏ ويحلف‏.‏

فرع‏:‏

قال المازري‏:‏ لو شهدا عليها بالطلاق فتزوج بها أحد الشاهدين بعد العِدة، ثم رجع فتطلق عليه لإقراره، ويغرم نصف الصداق إن لم يدخل بِها، وإن رجع قبل الزواج منعه الإمام إلا أن يرجع عن رجوعه فيحلف‏:‏ أن الحق ما رجع إليه ثانيا، وهو أن الحق شهادته الأولى، وهذا كأحد قولي ابن القاسم في الشاهد يشتري العبد الذي شهد بعتقه، لا يعتق عليه حتى يتمادى على إقراره، غير أن المشهور‏:‏ العتق، والقولان يتخرجان هاهنا، غير أن المشهور هاهنا، غير المشهور في العتق، والفرق‏:‏ حرمة العتق، ولو كانت الزوجة مدعية للنكاح دون الزوج، فقضي عليه، فإن وطئ لزمه الصداق بوطئه لا غير مقهورا عليه لتمكنه من الطلاق، فإن زاد الصداق المشهود به على المسمى ففي رجوعه بالزائد على المشهور قولان، بناء على أن موجب الصداق الوطء، وهو المختار له، فلا يلزم الشاهدان الزائد، أو أنهما شهدا عليه بالتسمية‏.‏

فـــرع

في النوادر‏:‏ إذا شهدا عليه أنه دخل بها وهو يُنكر الدخول وقبض الصداق، فيحلف الزوج على ربع الصداق، فإن رجعا رجعت عليهما بالصداق إذا حلفت‏:‏ ما قبضته؛ لأن بشهادتهما صار القول قول الزوج، فإن رجعا بعد موت المرأة حلف من بلغ من ورثتهما‏:‏ ما يعلم قبض ذلك ولا شيء منه ورجع على الشاهدين‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ لو شهدا عليه أنه تزوجها بغير تسمية، وأنه طلقها بعد البناء فرجعا وقد تزوجت أم لا بالتسمية فغرما نصف الصداق، وشهد الآخر شاهدان أنه تزوجها قبل هذا، رجع هذا على المرأة بما أخذت منه، فإن أعدمت رجع على الشاهدين، ويرجع الشاهدان عليها، وقيل‏:‏ هذا إن كانت عالمة بالزور وإلا لم يرجع عليها الشاهدان كهبة الغاصب المغصوب لمن يجهل الغصب فيأكله فيغرم الغاصب ولا يرجع على الموهوب، وقيل‏:‏ المغصوب منه مخير بين الغاصب والموهوب ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ إن دخل بها الأول وقضى بها ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ على الأول الصداق بالسببين إن كانت غير عالمة وإلا فلا صداق ‏[‏‏.‏‏.‏‏]‏‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ لو شهدا أنها تزوجها بألف، وهو يقول‏:‏ بخمسمائة فدخل بها وصداق مثلها ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ لم يغرم بالرجوع شيئا؛ لأنهما وصلا إليه ما قيمته ألف فلم يتلفا شيئا‏.‏‏.‏ ولو كان خمسمائة غرما الزائد‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ لو ادعى بعد تقرر النكاح أن الصداق عشرة، وهو لا يشبه صداق مثلها وشهدا بمائة، وهي تشبه صداق مثلها، ورجعا بعد البناء، رجعت عليهما بكمال المائة، وقبل البناء كمال الخمسين؛ لأنه كان القول قولها لأجل أنه يشبه، ولو كان صداق مثلها عشرة؛ لم يغرما شيئا؛ لأنهما لم يلتفا ما كانت غير متمكنة منه‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إذا شهدا بطلقة، وآخران بالثلث، والزوج لم يبين، ثم رجع الأربعة فعلى شاهدي الواحدة رُبع الصداق، وشاهدي الثلاث ربعه؛ لأن كل شهادة لو انفردت لزمه بها نصفُ الصداق، وعند الحنفية‏:‏ الجميع على شاهدي الثلاث؛ لأنها حرمته إلا بعد زوج، وأشهب لا يوجب على بينة قبل البناء شيئا؛ لأن النصف وجب بكل حال، ولو شهدا أنه طلقها قبل البناء في شهر رمضان، وغرما بالرجوع نصف الصداق، فشهد آخران أنه طلقها في شعبان من تلك السنة قبل البناء، رد الزوج على الأولين ما أخذ منهما لتقدم الإتلاف عليهما، وقال الحنفية‏:‏ لا يبرن بالشهادة الثانية بل بالإقرار عند الحاكم‏.‏

والجواب‏:‏ قد سوى الشرع بين الإقرار والبينة في البراءة‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إذا شهدا أنه طلقها قبل البناء وآخران بعد البناء والزوج يجحد الدخول والطلاق، يحكم عليه بجميع الصداق مع الطلاق، ويرجع أحد شاهدي الطلاق، وأحد شاهدي الدخول، غَرم شاهدا التنازع الصداق، ولا شيء على شاهدي الطلاق، ولو رجع شاهدا الدخول دون شاهدي الطلاق فعليهما نصفُ الصداق، ولو رجع شاهدا الطلاق دون شاهدي الدخول لم يغرم شاهدا الطلاق شيئا؛ لأن نصف الصداق ثابت لكل حال وإنما زاد شاهد الدخول النصف الآخر، ولو أقر بالطلاق وجحد الدخول لم يغرم شاهدا الدخول إلا نصف الصداق‏.‏

الطــرف الرابع‏:‏ في العتق وما يتصل به‏.‏

في الجــواهر‏:‏ إذا شهدا بالعتق الناجز، غَرما بالرجوع قيمته، والولاء للسيد ويستحق السيد ماله بمقتضى إنكاره، فإن كانت أمة عالمة بتزويجها حرم عليها إباحة فرجها بالتزويج أو بالعتق إلى أجل، غرم بالرجوع القيمة حالة؛ لأنهما منعاه من البيع وهو أهم المقاصد إلا قيمة خدمة العبد تلك المدة، لأنها تندرج في قيمة الرقية وقد أبقياها، فلا تأخذ قيمته وقيمة منفعته، وقال ابن عبد الحكم‏:‏ تقوم هذه المنافع على الرجاء والخوف فتسقط القيمة وتبقي المنافع للسيد، قال محمد‏:‏ هذا غير مستقيم؛ لأن قيمة المنفعة هكذا قد تزيد على قيمة الرقبة فلا يغرم الشاهدان شيئا، قال الإمام أبو عبد الله ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ أصبح من جهة الفقه متعذرا من حيث العادة؛ لأنَّا نقوم العبد مملوكا طول حياته ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ منافع تلك المدة،‏.‏‏.‏ وقد ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ منافع العبد إليهما حتى ينقضي الأجل فيؤجران ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ٍ حتى يستويا ما غرماه، وما بقى فللسيد‏,‏ فإن لم تفِ منافع المدة غرما ما لم يرجعا وكذلك لو مات في أضعاف المدة أو بعد فراغها ولم يستوف إلا أن يترك مالاً فيأخذانِ منه كمال ما غرم، وكلك لو قتل إلا أن تؤخذ قيمته فيأخذانها لاعتراف السيد أن ما يستحقه من مال العبد عليه فيه ما غرماه، وخير محمد السيد بين قول سحنون أن له قيمة هذه المنافع وقتًا بعد وقت بحسب ما يرى في ذلك من مقتضى الاختلاف، ومنشأ الخلاف‏:‏ تقابل الحقوق فحد السيد التمسك بالعبد لنأمن عليه وندفع القيمة‏:‏ وحقهما أن نقولا‏:‏ غرمنا قيمة المنافع في قيمة الرقبة، فكأن اشتريناها، فنحن أحق بعين المنافع، وإن شهدا بالتدبير غرما قيمة حالة برجوعهما بعد الحكم، ويدخلان فيما أدخلاه فيه، فيقتضيان من الخدمة التي ألقياها بيده بما وديا، ثم ترجع خدمته لسيده وموته في حياة السيد، أو بعد ما قبل الاستيفاء حكمه حكم المعتق إلى أجل، فإن خرج بعد موت السيد حرًا فلا شيء لهما، وإن رق منه شيء فهُما أولى به حتى يستوفيا منه، وإن ردها دَين فهو أولى من الدين كأهل الجناية لاختصاصهم بالرقبة، والدَين لا يختص، فإن شهدا بالكتابة غرما بالرجوع بعد الحُكم قيمته ناجزه، قال محمد‏:‏ يوم الحكم، ثم يتأديانها من الكتابة على النجوم حتى يستوفيا بيع لهما منه بما بقي لهما، فإن لم يف فلا شيء لهما، قاله عبد الملك‏,‏وقال ابن القاسم‏:‏ يغرمان القيمة فيوضع بيد عدل ويتأدي السيد الكتابة، فإن استوفى من الكتابة مثلها رجعت إلى الشاهدين، فإن كانت الكتابة، أقل، أو مات المكاتب قبل الاستيفاء‏:‏ دفع للسيد من تلك القيمة تمام قيمة عبده؛ لأنه مظلوم قد منع من عبده، وماله فيه من التصرف، وإيقاف القيمة لئلا يترك فيغرمانها ثانية، قال محمد‏:‏ وعلى الأول أصحاب مالك، قال‏:‏ ولو استحسنت

قول ابن القاسم لقُلت‏:‏ كلما قبض السيد من الكتابة شيئا رد مثله من القيمة الموقوفة للشاهدين، وقال سحنون‏:‏ إذا رجعا بيعت الكتابة بعرض فاز دمت بأكثر فللسيد، أو أقل رجع عليهما بتمام القيمة، وإن شهد أنه استولدها غرم بالرجوع بعد الحكم قيمتها ولا شيء لهما؛ لأنهما لم يتركا خدمة يرجعان فيها، فإن جرحت أو قلت رجعا بما غرماه في الأرش، والفاضل للسيد مع ما أخذ قال سحنون‏:‏ وكذلك إن أفادت مالا، وقال محمد‏:‏ بل للسيد؛ لأنه لم يبقيا له، وقال ابن الحكم‏:‏ يخفف عنهما من القيمة لما نفياه من الاستمتاع، وكذلك إن كانت حاملا، وان شهدا أن ولدها ولدته منه، غرم قيمته، وقيل‏:‏ لا شيء عليهما في الرجوع عن الاستيلاد، وإن شهدا أنه أعتق أم ولدَه‏:‏ قال محمد‏:‏ لاشيء عليهما؛ لأنهما لم يتلفا غير الوطء، وهما غير ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ قال ابن القاسم‏:‏ قيمتها كما لو قتلها رجل، وقال ابن الحكم‏:‏ يخفف عنهما بقدر ما كان ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ قال ابن عبد الحكم‏:‏ إذا قيدهُ وحلف بحُريته‏:‏ لا ينزع القيد ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ وحلف ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ أن في القيد عشرة ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ فَحكم بعتقه، فنزع القيد بعد الشهر فوجد عشرة ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ كذبهما‏.‏

فـــرع

قال المازري‏:‏ إذا أعتق إلى أجل، فشهدا أنه نجز العتق، غرما بالرجوع قيمة الخدمة على غررها بإمكان موت العبد قبل الأجل بمدة يسيرة أو طويلة، ولو كان الأجل غير معلوم نحو موت زيد، قومت على اقتص العمرين‏:‏ عمر الذي علق بموته، وعمر العبد، قال أصبغ‏:‏ إذا أُعتق إلى أجل فشهدا بالتعجيل، غرما قيمته الرقبة؛ لأنه يأخذ قيمتها لو قتل‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا شهدا عليه بأن نصفه لفلان، وأنه أيضا أعتق النصف الآخر، فأعتق عليه وأُغرم قيمةَ النصف، ثم أكذبا نفسيهما في العتق، غرما قيمة جمع العبد؛ لأنهما أتلفا نصفه بالعتق، ونصفه بالشهادة على الإقرار، ويغرمان أيضا قيمة النصف التي أخذها الشريك المقِر، ولو شهدا أن المقر له أعتق النصف المقر به فقُوم عليه، غرما أيضا قيمة جميعه وقيمة نصفه إن صدقهما الإقرار له وأكذبهما في العتق، قاله محمد، قال‏:‏ وكَيف يتصور قضاء القاضي ببينة المقر له، وكذبهما في العتق وصدقهما في الإقرار، وهو المحكوم له بها، مع أنها ما شهد له بالإقرار إلا بوصف العتق، فلا يحكم له ببينة يدعي كذبها، ول كان يقول‏:‏ إنهما وهِما في العتق ولم يتعمدا الكذب؛ لكان خفيفًا، قال‏:‏ وقد يتصور من جهة أنه لم يضف إليهما فسوقا، قال‏:‏ ولم يشكل أيضا من جهة أنهما لم يتلفا على المشهود عليه ملكا استقر بيده، فهما أدخلاه في ملك وأخرجاه عنه، فإن صدقا فلا غرامة، وإن كذبا فقد أبطلا عليه ملكًا كَذبا فيه، فلا غرامة، ولو أكذبهما في شهادة الإقرار والعتق بعد الحكم عليه، وأكذبا نفسيهما في الجميع، غرما قيمة نصف العبد المقوم عليه، وللمقر قيمة النصف المقر به‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ لو شهدا بالتدبير، وأغرما القيمة، ثم شهد آخران بتقدم عتقه أو تدبيره، واسترد الأولان ما غرماه؛ لأنهما لم يتلفا عليه شيئا، وكذلك لو شهدا بما يمنع التدبير مع بيع أو غيره، وإن رجع الشاهدان بالبيع، والشاهدان بالتدبير؛ لم يغرم شاهدا التدبير لتقدُم ما يبطله وأبطله الشرع قبل تكذيبهما أنفسهما، ويغرم شاهدا البيع ما أتلفاه، فإن أنكر البيع غرما ما زاد على الثمن في الذي يرده على شهود التدبير، وإن كذبهما للمشتري دون البائع، يغرمان للمشتري الزيادة؛ لأنهما التي أتلفاه‏.‏

الطرف الخامس‏:‏ في النسب والولاء وإراقة الحــر

في الجواهر‏:‏ إذا شهدا أنه أقر ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ ابنه فأقرا بالزور بعد الحكم بقرب ذلك قبل موت الأب فلا شيء عليهما قبل أن يُؤخذ بشهادتهما ميراث، فإن وُرث غرما للعصبة ما أتلفا عليهم، فإن كان المشهود بنسبه عبدًا للمشهود عليه، غرما ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ فإن مات الأب بعد ذلك، وترك ولدًا غير المستلحق ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ تركه الأب ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ الذي أخذه ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ الدين فإنه يكون للابن الأول؛ لأن المستلحق كان يدعى ‏[‏‏.‏‏.‏‏]‏ المشهود فيها وأن لا شركه فيها‏.‏ فإذا اقتسما ما عداها غرم الشاهدان ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ المستلحق للابن الآخر؛ لأنهما ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ عليه فلو طرأ بعد ذلك على الميت ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ أخذ من ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ واحد نصفه فإن عجز عن ذلك كمل من تلك القيمة التي انفرد بها الأول ورجع الشاهدان عليه فأغرماه مثل الذي غرمه المحق للغريم؛ لأنه أخذها عوضًا عما أخذ المحق من تركة أبيه، والآن فقد صرف في دين أبيه فلم يتلفا عليه شيئا بشهادتهما، ولو لم يترك غير المستلحق ومائة أخذها قيمة من الشاهدين في قيمة المستلحق، فالمائة الواحدة له فقط، والمائة الأخرى للعصبة وإلا فلبيت المال، ويغرم الشاهدان بما أديا للعصبة أو لبيت المال‏.‏

فإن شهدا أنه أخو الميت فانتزع الميراث من ابن العم، ثم شهد آخران لآخر أنه ابن الميت وانتزع من يد الآخر، ثم رجع الجميع، فعلى شهود الابن غرما للأخ، وعلى شهود الأخ غرمها لابن العم، وعلى شهود ابن العم للموالى‏.‏

وإن شهدا أن فلانا مولاك، فلا شيء عليهما بالرجوع بعد الحكم إلا أن يموت ويترك مالا لا يرثه غيرك فيغرمانه لك إن كان لك منازع، وإلا وقُف ما يضمنانه حتى يثبت ما يستحقه، ويضمنان التركة التي مات عنها، كانت أكثر يوم الحكم أو أقل‏.‏

وإن شهدا أن فلانا عبدك لم يضمنا قيمة الرقبة بالرجوع بعد الحكم، بل يضمنان للعبد كل ما استعمله وكل خراج أداه إليك ومال انتزعه منه لئلا يتسلسل، ولو مات وهو في يده لم تأخذ ويوقف حتى يستحق ذلك مستحق يرثه بالحرية، ولو أعتق منه العبد قبل موته عبدًا جاز عتقه، وولاؤه بعد ذلك لمن كان يرث عنه الولاء لو كان حرًا، ويرثه العبد إن مات ومعتقه حي‏.‏ وإن أوصي منه العبد فهي في الثلث منه، ويجوز رهنه وصدقته، ويرث باقيه ورثُته إن كان له من يرثه لو كان حرا؛ ليس للعبد أن يتزوج منه؛ لأن الزواج ينقص رقبته‏.‏

فـــرع

قال المازري‏:‏ لو ترك أخاه لأبيه فأخذ جميع المال، وقدِم رجل ومعه ثلاثة شهود، شهد أحدهم أن القادم شقيقُ الميت، والثاني أنه لأبيه لا يعلم غير ذلك، والثالث أنه من أمه، فقد حصل أنه شقيق؛ لأن شاهد الشقاقة مع الأب اتفقا على الأب، وهو مع شاهد الأم اتفقا على الأم، فثبت كل جهة بشاهدين فينتزع المال من الأول، فإن رجع الثلاثة بعد الحكم واختلف مقدار ما أتلفا، فالشاهد بأنه أخ للأم أثبت للقادم السدس، ولو انفرد لم يقض به، فقد شاركه من شهد بالشقاقة، فيكون السدس عليهما نصفين، ولا يستقل وحده، فشاركه فيه شاهد الشقاقة بالنصف منهما بنصفين بالسواء، فيغرم شاهد الشقاقة مثلهما، وأصلهما ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ اثنا عشر، نصف سدسها واحد، ونصفها ستة، على شاهد الشقاقة منها ثلاثة، وشاهد ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ ثلاثة، فيكون غرم المال بينهم على ثمانية، على شاهد الأمومة بينهم، وعلى شاهد الشقاقة

أربعة من اثني عشر‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ فيغرم ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ على الشاهدين بالأبوة والأمومة النصف بالسوية‏.‏ ولو كان ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ المال بينهما نصفين، وبالتقادم صار للعبد الثلث لأنه يعاد لأخيه ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ السدس ولا يدخل في أثلاثه لشاهد الأمومة؛ لكون الجد يحجب الأخوة للأم، بل يكون للآخرين نصفين‏.‏ قال التونسي‏:‏ أخ الأبوة أتلف من النصف ثلثه، وشاركه فيهما شاهد الشقاقة فيكون عليهما نصفين، ويغرم أخ الشقاقة ثلث النصف وحدة، وعلى شاهد الأمومة ثلث النصف فيكمل النصف للأخ من الثلاثة‏.‏

فـــرع

في النــوادر‏:‏ قال سحنون‏:‏ إذا ترك عبدين وأمة، فشهد شاهدان لرجل بأنه أخ شقيق، فقُضي بالنسب والإرث، وشهد آخران ببنوة أحد العبدين فانتزع التركة، ثم شهد آخران ببنوة العبد الآخر فشارك الأول‏.‏ وشهد آخران أن الميت أعتق الأمة في صحته وتزوجها فأخذت الثمن من الاثنين، فرجع شاهدا العبد الأول فيغرمان قيمته للابن الآخر وللزوجة منها، ويأخذ ما في يده من المال الابن الثاني؛ لأن المرأة قد أخذت ثمنه، فإن رجعت بينة العبد الثاني غرمت ما تقدم، وكذلك لو رجعا بعد رجوع الأولين، ثم إن رجع شاهدا الأمة غرما قيمة الأمة وميراثها للولدين نصفين، ولا يبالى بمن رجع أولا وآخرا أو مجتمعين؛ لأنهم شهدوا على أشياء مختلفة، ولو شهدوا كلهم بالنسب والعتق والنكاح ورجعوا بعد الحكم لغرموا للأخ قيمة العبدين وجميع الميراث‏.‏

فـــرع

لو شهدا برقْه‏.‏ ورجعا بعد الحكم فجرحاه، غرما للسيد ما نقصه من قيمته، وللمجروح أيضا إن كان خطأ لا تحمله العاقلة، وإن كان مما تحمله العاقلة لا يلزمه بقولهما، بل يغرمانه في أوقات وجوب الدية على العاقلة، وله أن ينقص منهما في العمد لإقرارهما أنه حـــر‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا شهدا أنه ابن القتيل لا وارث له غيره، وله أخ أو مولى معروف النسب، والقاتل مقِر بقتل عمد، فحكم بالنسب والقتل، ثم أقر بالزور؛ لا شيء عليهما في القصاص؛ لأنه ليس بمال، وضمان الأخ التركة، قال ابن عبد الحكم‏:‏ يقتل الشاهدان؛ لأنهما بشهادتهما قتل هذا القتيل، وابن القاسم لا يرى ذلك‏.‏

الطــرف السادس‏:‏ فــي المال‏.‏

في الجواهــر‏:‏ إذا شهدا لزيد وعَمرو بمائة، ثم قالا‏:‏ المائة كلها لزيد بعد الحكم غرما خمسين للمشهود عليه؛ لإقرارهما أنهما أخرجاه منه بغير حق، ولا يقبل قولهما الثاني لإقرارهما بالزور، قاله ابن عبد الحكم، ولو كان بدل المائة عبدًا معينًا‏.‏ فإن صدقهما المشهود عليه أنه لزيد لم يغرما شيئا، وإن أنكر الشاهدين غرما النصف له‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ قال ابن القاسم‏:‏ إذا رجع أحدهما بعد الحكم غرم نصف الحق، قال محمد‏:‏ لو رجع عن نصف ما شهدا به ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ غرم ربع الحق، أو عن الثلث غرم السدس، ولو رجعا جميعا فالحق عليهما ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ رجوعهما غرم كل واحد نصف ما رجع عنه؛ لأنه الذي أنابه ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ قيمة الذي أخذه ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ شيئا لاستقلال الحق بالباقي، فإن رجع ثانِ غرم نصف الحق ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ ثلث الحق؛ لأنه أخذ ثلاثة، وقال أشهب‏:‏ إذا رجع ثلاثة من أربعة غرموا ثلاثة أرباع الحق، قال محمد‏:‏ لو شهد ثلاثة بثلاثين فرجع أحدهُم بعد الحكم عن الثلاثين، والثاني عن عشرين، والثالث عن عشرة، غرمها الجميع أثلاثا إلا عشرة لا يغرم أحد منها شيئا؛ لاستقلال ثبوتها بشاهدين، وهذا على القول بأنه بقي نصاب لا يغرم الراجح، ويغرم الأولاد العشرة نصفين، وإذا حكم برجال ونساء‏:‏ فعلى الرجل نصف الحق؛لكونه نصف النصاب، وعلى النساء نصفهُ بينهم بالسوية، وكذلك لو رجعن وحدهُن، فلو كن عشرًا فرجعت واحدة منهن إلى ثمان، فلا شيء عليهن لبقاء ما يحتاج منهن في نصف النصاب، فإن رجع تسع أو ثمان ثم واحدة بعدهُن‏:‏ فعلى التسع ربع المال بينهم بالسوية؛ لأنه بقي من أخي ثلاثة أرباع الحق، وذلك في كل ما تجوز فيه شهادتهُن مع الرجال، وأما ما ينفردن به كشهادة عشر على رضاع مع رجل، فرجع الكل بعد الحكم‏:‏ فعلى الرجل سدس ما يجب من الغرامة، وعلى كل امرأة نصف السدس؛ لأن الرجل كامرأتين فيكن أثني عشر، وليس محتاجًا إليه حتى يكون نصف النصاب، فيكون عليه النصف، ولو رجع الكل إلا امرأتين لم يجب غُرم على القول باعتبارها المستقل وولو رجع الكل إلا واحدة وُزع جميع الحق على جميع من رجع‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا هرب المقضي عليه؛ لا يلزمها غرم حتى يغم المقضي عليه وليس يغرمه أخذ ذلك منهما إن أقر تعمد الزوُر؛ لأنهما لم يتلفا ما يوجب الغرامة بعدُ لبقاء المال تحت يد ربه، وقال ابن عبد الحكم‏:‏ ذلك لغريمه، وهما غريم الغريم لئلا يؤدي ذلك لبيع داره وتلف ماله، وكذلك لو حبسه القاضي لا يُترك محبوسا أبدًا، بل يخلصاه، فإن لم يفعلا حُبسا معه؛ لأنهما مورطان، ولو ضَرب للمشهود عليه أجلا فرجع الشاهد أن قبله غرما، وبرئ المطوب‏.‏

فـــرع

في النوادر‏:‏ شهد أربعة بأربعين، فرجع أحدهُم عنها، وآآخر عن عشرة، وآخر عن عشرين، وآخر عن ثلاثين، فقد ثبت عشرون بشهادة الراجع عن العشرة، والراجع عن عشرين لا يرجع بها عن أحد، والراجع عن عشرة أثبت عشرة أخري، فلا رجوع بنصفها على أحد، ويغرم أصحابه الخمسة الباقية، اثنان إلا ثلث كل واحد، ولم ثبتت عشرة أحد، فيغرمهما الأربعة بالسوية، فإن مات أحد الأربعة ثم رجَع واحد عن عشرة، وآخر عن عشرين، وآخر عن أربعين، فقد ثبت ثلاثون بالميت، والراجع عن عشرة لا رجوع بها، وبقي عشرة أثبتها الميت وحده، فعلى الثلاثة نصفها بينهم ثلاثا، فلو شهد واحد بعشرة، وآخر بعشرين، وآخر بثلاثين، وآخر بأربعين، فله الثلاثون بغير يمين، والأربعون بيمين لتفردها بواحد، فإن أخذ الثلاثين وحلف المطلوب، فلا يغرم لرجوع شاهد العشرة، وشاهد العشرين؛لبقاء من شهد بأكثر من ذلك، فإن رجع ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ ثلاثة بعد‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ الأربعين، فيغرما خمسة نصفين؛ لأنهما زادا عشرة على العشرين ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ يشهد بها غير‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ عشرة شهدا بها مع عشرين، وهو لم يرجع بما تلف ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ وعشرة تثبت بالباقيتين،لا يرجع فيها شيء، ولو رجعوا كلهم إلا شاهدا بعشرة، غرم الراجعون خمسة وعشرين‏:‏ شاهد العشرين خمسة، والآخران عشرة عشرة؛ لأن شاهد العشرة، وافق الثلاثة الراجعين فيغرمهم نصفها سوية؛ لأنه تبث من يتينه به نصفها، وعشرة يشهد بها غير الراجعين فيلزمهم بالسوية، فيصير على كل واحد خمسة وعشرة، ولم يشهد بها غير شاهد الثلاثين، وشاهد الأربعين، فيغرمانها نصفين، ولو رجع غير شاهد العشرين لغرم شاهد العشرة اثنين إلا ثلثًا، والآخران ثمانية عشر وثلث نصفين؛ لأن الراجعين شهدوا معه في عشرة، فعليهما نصفها أثلاثا‏:‏ اثنتان، وثلثان، والعشرة الأخرى من العشرين قارنهُ فيها شاهد الثلاثين، وشاهد الأربعين، فعليهما نصفها نصفين، وانفرادهما بعشرة وهي عليها نصفين، وعلى شاهد العشرة دينار وثلثان، فذلك عشرون، ولو رجع شاهد الأربعين وحده غرم عشرة؛ لأن اليمين إنما كانت مع شهادته في العشرة التي انفرد بها قال محمد‏:‏ والصواب‏:‏ أنه لا يغرم إلا خمسة؛ لأن اليمين بمنزلة شاهد، ولو رجع غير شاهد الأربعين لم يضر بثبوتها به مع اليمين، وكذلك لو وجدوا عبيدًا، ولو رجع شاهد الأربعين وشاهد الثلاثين‏:‏ غرم شاهد الأربعين‏:‏ سبعة ونصف، وشاهد الثلاثين‏:‏ اثنان ونصف؛ لأن شاهد الأربعين انفرد بعشرة، فعليهما نصفها، وشهدا عشرة أجزاء، قال في المــوازية‏:‏ عليهما نصفها، قال ابن عبد الحكم‏:‏ بل كلها؛ لأنها شهادتهما خاصة، واليمين إنما حكم بها في عشرة الأربعين، فلو رجع معهما شاهد العشرين، فإن عشرة منها ثابتة بالشاهد الباقي واليمين، وعشرة منها يغرم شاهد العشرين خمسة، شاركه فيها شاهد الثلاثين ووشاهد العشرين بينهم أثلاثًا؛ لأنه قد بقي فيها يمين الطالب، وهو كشاهد، فلا يكون على شاهد العشرين غير اثنين إلا لمساو على صاحب الثلاثين خمسة شاركه فيها شاهد الأربعين، وعلى شاهد الأربعين خمسة أجزاء، وهي نصف العشرة التي انفرد بها، ويثبت مع يمين الطالب، فجميع معارفهم خمسة عشر‏.‏

فـــرع

لو شهدا على ميت بدينار، وآخران بدينارين، والتركة دينار، وهي يدعيهما فرجع الأربعة بعد الحُكم، يغرم شاهدُ الدينار ربع دينار، وشاهد الدينارين ثلاثة أرباع دينار؛ لأن جميعهم اجتمعوا على دينار ووانفرد اثنان بدينار آخر، وأخذ من ذلك كله دينارًا‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ لو شهدا على إقراره بدينار آخر، بدينارين، فليس عليه إلا ديناران مع يمينه، فإن نكل حلف حلف الطالب على ثلاثة إن ادعاها وأخذها، ولا يغرموا برجوعهم أجمعين إلا بدينارين؛ لأن الثالث إنما وجب بالنكول واليمين‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ شهدا بدينارين وأن فلانًا حَمل بهما، وآخران أنه أمر بدينار بغير حمالة، فليس عليه إلا ديناران بحمالة، ولم يوجد للمقِر إلا دينار، وأخذه ثم رجع شاهد الحِمالة، فقد برئ الحميل من ثلاثة أرباع دينار؛ لأن شاهدي الدينار انفرد بدينار ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ الآخر في الدينار الآخر، فإن أخذ ممن ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ الدينارين، ولم يؤخذ من التركة شيء، رجع بهما غير شاهدي الحوالة؛ لأنه‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ يرجعان على شاهدي الدينار وإن رجع شاهدا الدينار وقد أخذ من التركة، غرمًا ربع دينار؛ لأنه المأخوذ بشهادتهما، وإن أقر بالحمالة لم يرجع بشيء، ورد على الذي غرم عنه بالدينارين، وإن أخذ ذلك من ماله المشهود له 2، ورجع به على الشاهدين؛ لأن رجوع الشاهدين لا يسقط عن الحميل ما شهد به عليه‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ ترك أربعة بنين شهد ثلاثة عليه بثلاثين فرجع أحدهم عن عشرة وآخر عن عشرين، وآخر عن ثلاثين، فاجتمعوا على الرجوع عن عشرة، فما لأخيهم الذي لم يشهد إلا ربعها عليهم أثلاثا، والعشرة الثانية رجع عنها الباقيان وثبت عليها الراجع عن عشرة، وإنما لأخيهم ربعها، فيغرمان له نصف ذلك نصفين، فذلك كله أربعة إلا ربعا، يأخذ الذي لم يشهد، ولا شيء على الراجع عن الثلاثين في العشرة التي انفرد بها للرجوع عنها؛ لأنها ثبت عليها شاهدان، وكل ما رجعوا عنه ورثوه، والذي لم يشهد ربعه، قيل لمُحمد‏:‏ قال ألزم الراجع عن ثلاثين ربعها للذي لم يشهد، فلم يلزمها ربع آخر الراجع عن عشرة‏؟‏ فلم يذكر في كتابه جوابًا، والجــواب‏:‏‏:‏ أنه مقر بها عن أبيه فكيف يغرمهم مما يقر بصحته‏.‏

فـــرع

إن تداعيا ثلاثمائة في أيديها، فادعى أحدهما جميعها، والآخر مائة منها، وتكافأت البينتان، فيحلفان، ويأخذ مدعي المائتين مائة، ويقاسم في المائة الأخرى نصفين رجع من كل شاهد المائتين خمسين؛ لمدعي المائة، وشاهد المائتين، خمسين لمدعي المائتين؛ لأن مدعي المائة لولا شهادتهما لمدعي المائتين لم يأخذ غير مائة لتساوي الأسباب والحُجج، ولولا شهادة الآخرين لأخذ الآخر الجميع، فنقص كل واحد خمسين‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ شهدا على مائة بمائة لم يترك غيرها فغرماها بالرجوع بعد الحكم للوارث، فطرأ غريم آخر وثبتت له مائة بعدلين، رجع الأولاد على الوارث بجميع المائة؛ لأنه لا يرث مع الدين، ويأخذ الغريم الثاني خمسين مما أخذ الأول‏.‏ ويبقي بيد الأول خمسين التي يستحقها بالحصاص، ويغرم الشاهدان الثاني الخمسين الباقية له بيد الغريم الأول؛ لأنه لولا شهادتهُما لم يحاصصه الأول، فإن رجع شاهد الثاني بعد الحكم غرما للوارث المائة التي ردها، وللغريم الأول الخمسين التي انتزعت منه‏:‏ قبل لمحمد‏:‏ كيف يغرمان مائة وخمسين، والتركة إنما مائة‏؟‏ قال‏:‏ قد يغرمان مائتين، بأن يستودع المائة المائة، ثم يشهد بمائة دين فيأخذها الغريم، ثم يردان فيغرمان للورثة، ثم يُثبت الآخر أن تلك المائة بعينها له كانت وديعة عند الميت، فيرد الوارث المائة على الشهود لعدم الإرث مع الدَين، ويرد الغريم الأول المائة الثانية؛ لأنه عين ماله، فإن رجع الشاهدان الآخران غرما مائة للورثة، ومائة للغريم الأول‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا قال للحاكم‏:‏ إنما شهدنا للذي قضيت عليه على المقضي له، وقال القاضي‏:‏ بل للأول أوشك، رد المال للثاني وأخذ من الثاني للأول، فإن ‏[‏‏.‏‏.‏‏]‏ القاضي أوشك، برد المال للثاني، وأخذ من الثاني للأول، وإن قال‏:‏ أنا شهدت ‏[‏‏.‏‏.‏‏]‏ غرم المال للثاني لأن الغريم ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏1 غرما المال عن ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ الأول، وإن كانت شهادتهُما في ديوانه إلا أن تشهد بينة بشـ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ كان ذلك لمن فوقه فيقضى له ببينته، وإن كانت البينة الأولى أعدل؛ لأنها جرحة، وتمتنع شهادته في ذلك لأنه خصم، قاله مالك وأصحابه‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا شهد بثمن إلى أجل، فرجع بعد الحكم، خُير البائع بين الرضا بذلك ويتبع المشتري، أو يغرمان له القيمة ويتبعان المشتري بالثمن، أو يأخذ من المشتري القيمة إن كانت أقل، وإذا غرما ورجعا على المشتري بعد الأجل، ورجع البائع بما يفضل من الثمن، ولا يريح الشاهدان، قاله سحنون‏:‏ فإن شهدا على المشتري وخير بين الأخذ بالثمن لرضا البائع به، وإن كانت القيمة أكثر، أو يلزم الشاهدين المبيع، ويأخذ منها الثمن، فإن فات المبيع عنده بموت أو نقص أو إباق، والقيمة مثل الثمن فأكثر، وإلا رجع بالفاضل، وقيل‏:‏ إذا مات أو أبق رجع بجميع الثمن كأنها هلكت منهما، وإن دخله نقص فله إلزامه الشاهدين، ويأخذ الثمن، وإن أعتقها وقيمتها مثل الثمن فأكثر، ولا يرجع بشيء، وإلا رجع بتمام ما وَدى‏.‏ ولو باعهما بالثمن وأكثر، ولم يرجع بشيء أو بأقل، وقيمتها مثل ما خرج منه فأكثر، فلا شيء عليهما، أو قيمتها أقل مما ودًى وأكثر مما باع به، فله ما بين القيمة التي خرجت من يديه بالحكم، وقيل‏:‏ بيعها وعتقها ووطؤها رضا منه بالشراء، فإن كان المشتري هو المدعي، والبائع منكر، حُرم عليه وطؤها وتكلف الشاهدان شراءها للبائع، وإن كان قيمتهُا أكثر من المأخوذ من المشتري، غرما له تمام القيمة، وإن اشتراها الشاهدان من المشتري، ثم رجعا ولم تفت، رداها على البائع، ويلزمه ذلك، ويرده إليها ما قبض جاز، كانت فله ما بقي من قيمتها على الثمن الذي أخذا يرجع عليهما ويبقى لهما، إلا أن يأخذها ويُعطي الثمن‏,‏ فإن قضي على البائع بشهادتهما وهو ينكر، ثم اعترفا بالزور وصَدقهما المشتري ولم يفت، أخذها البائع كالمغصوبة منه، قاله عبد الملك، وإن فاتت فعليهما فضل القيمة على الثمن، وان غابت صُدق المبتاع في الصفة مع يمينه، فإن نُكل حلف الشاهدان على الصفة، فإن نكلا صدق البائع في الصفة بغير يمين ومتي غرما الفضل للبائع رَجَعا به على المبتاع، ومتي كان المشهود عليه ذكرًا في شهادتهما أنه بالخيار في ذلك البيع، فلا غرم عليهما بالرجوع؛ لأنه كان متمكنا من خيار البيع عن نفسه، فحيث لم يفعل فهو راض، قاله ابن عبد الحكم، وإذا رجعا عند السادة والخيار للمشتري فضاعوفا على البائع عبده أن يتصرف فيه ببيع وغيره، وهو لم يقبض الثمن فيغرما قيمة العبد‏.‏ وتوقف القيمة، فإن لزم البيع فله القيمة، وإن رده المشتري بالخيار عادت القيمة إليها، وإن تغيب في أيام الخيار، رده المبتاع؛ لأنه حكم بالخيار‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ لو شهد مُسلم دينار في طعام، غرم الدينار للمشتري، واتبع البائع بالطعام، فإن كان المشتري يجحد، فلا يغرمان حتى يعطي الطعام فيرجع به عليهما ويعطي الثمن، وإن ‏[‏‏.‏‏.‏‏]‏ إن شاء البائع أخذ منهما الطعام وأعطاهما الدرهم، أو يلزم نفسه البيع ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ أفضل الطعام، رجع إليهما بنصف الطعام، ولو كان البائع المدعي والمشتري الجاحد، فيرد الثمن، وغرم ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ وطلب البائع بالطعام، ولكان المشتري ولاهما إياه‏.‏

فـــرع

وإذا ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ في الشفعة، والمبتاع يجحد الشراء لم يغرما لأخذ المشتري من الشفيع ما أخذ منه، وللشفيع والأخذ بإرادته، وإن أخذ من المشتري في الشقص غلامًا، وهو منكر الشراء، فاستشفع بالقيمة في الغلام، ولم يغرماه؛ لأن المشتري رجع عليه قيمة ما أخذ منه، فإن كان البائع الجاحد، وفي قيمة الشقص فضل غرما الفضل‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا شهدا أنه وكله في بيع هذا العبد، فقضي بذلك، ثم رجعا، إن حَلَف الوكيل أنه دفع الثمن لرب العبد، برءا وغرما الأكثر من قيمة العبد أو ثمنه بعد حلف ربه على عَدَم قبض الثمن، فإن نكل لم يكن له إلا ما زادت القيمة على الثمن، قاله محمد‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ قال ابن عبد الحكم‏:‏ إذا شهدا أنه باع من زيد وعمرو، وأن كل واحد ضمن الآخر بالثمن، ثم رجعا، غرما لهما ما ودًيا وأخذ السلعة إن لم يتماسك بها المشتري‏,‏ وإن أدى أحدُهما الثمن بالحمالة ولا يرجع على صاحبه بشيء؛ لاعترافه أنه مظلوم، بل على الشاهدين‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ لو شهد أنه أسلم في عبد دينارًا، وآخران شهدا أنه في عبدين، فقضي بعبد، ثم رجعا، غرما قيمة عبد؛ لأنه لولا شهادتهما لقضي له بعبدين بشهادة الآخرين، قاله محمد، وقال أيضا‏:‏ أحب إلى أن يغرما ما بين قيمة عبد والثمن؛ لأنه لم يتعين له الحكم بعبدين، ولا يدرى كيف كان يكون الحال‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا شهد بالبيع وغرما فضل القيمة بالرجوع، ثم رجع المبيعُ للبائع بهبة أو غيرها فقبله، وقيمته مثل يوم أخذ، رجعا عليه بما غرما له لرجوعه ليده بحاله، ويرد المشتري المائة التي أخذها التي أخذها منه، فلو نقصت قيمته خُير بين التمسك به ورد ما غرمه الشاهدان عليهما كالمغصوب بنقص، ولو نقص سوقه فقط رد على الشاهدين والبيع ما أخذ، وإن وزنه بحاله رد على الشاهدين ما أخذ، وإن نقص في يديه خُير بين رده على الشاهدين ويمسك بما أخذ منهما، أو حبسه ولا شيء عليهما، ولو رجع للشاهدين بهبة أو غيرهما، فلها رده علىالمشهود عليه، ويُرد عليهما القيمة إلا أن يكون ناقصا فيجب كما تقدم، ولو اشتراه المقضي عليه من المقُضي له بحاله في يديه، فلا ينظر بقيمته، فلا رجوع‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ قال سحنون‏:‏ إذا أشهد أنه صرف دينارًا بعشرة دراهم، فقضى عليه القاضي بدفع الدراهم وأخذ الدينار، ثم رجعا، رجع مؤدي الدراهم على الشاهدين بها وأدى إليهما الدينار، ولا ينظر إلى صرف يومئذ‏.‏ وقال عبد الملك‏:‏ إن كانت الدراهم صرف الدينار فلا يُغرم البينة شيئا‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا شهدا أنه أخره حًولا، ثم رجعا بعد الحكم، وغرم الحق حالا؛لأن النظرة نقض أدخلاه عليه، وقال محمد‏:‏ إلا أن يكون الغريم مُعدما، فلا غُرم عليهما، وإذا غرما رجعا على غريم صاحب الحق عند الأجل، فإن رجعا بعد الأجل وهو مليء فقولان، الأصح‏:‏ لاشيء على الشاهدين ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ الفساد إذا ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ مليًا، وإن كان معسرا فكذلك؛ لأن الأجل متعين في حقه، فإن كان معسرًا ثم أيسر، فإن جحد حكم بذلك على الشاهدين؛ لأنه وقت المطالبة وإن جهل حاله عند الأجل فلا شيء، عليهما حيث لا يسار‏.‏

فـــرع

‏[‏‏.‏‏.‏‏]‏ قَل أو أكثر؛ لم يغرم لأن القيمة ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ بالقضاء، وكذلك إن تطوع ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا شهدوا على شهادتهم لغيرهم، فحُكم بها، فلزم الأصول فأنكر ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ ذلك، قيل‏:‏ ينتقض الحكم لأنه لا يجوز نقل الشهادة عمن ينكرها، أو اعترفوا بإشهادهم وكذبوا أنفسهم، ضمنوا دون الفروع، وقيل‏:‏ لا يضر رجوعهم لأنهم قد يكونوا رجوه قبل الحكم وهم غُيب لم يمكنهم إعلام الفروع، وهذا القائل يقول‏:‏ إذا رجع الأصول والفروع‏:‏ ضمن الفروع فقط بقدر ما كان يلزم أصولهم، فإن كانوا عشرة شهد على ثمانية اثنان ضمن فروع الثمانية أربعة أخماس الحق، وفروع الاثنين خمسة، ولو نقل ثمانية عن رجل، واثنان عن رجل، ضمن الثمانية النصف، والاثنان النصف؛ لأنه الذي يلزم الأصول، ولو رجع ستة من الثمانية لم يضر؛ لبقاء من يقوم به النقل، أو سبعة منهم وواحد من الاثنين، غرم السبعة ربُع الحق، والواحد ربُعه، ولو رجع الفروع كلهم وثبتَ الأصول وهم عدول يوم رجوع الفروع، ومضى الحكم بغير غرم كشهادة بينة بعد رجوع بينة، فإن الحق يثبت ولا غرم، فإن كان الأصول غير عدول يومئذ ضمن الفروع، فلو لم تشهدهم الأصول على خطهما ولا لفظهما، ضمن الفروع بالرجوع، ولا يسقط الضمان تكذيب الأصول، ولا ينقض به الحكم، وإن قال الأصول‏:‏ شهدنا وكتبنا، ولكنه زور، فأعلمنا أنه يعلم به، سقط الغُرم، وإن قال الأصول ما تشهد به، وصدقهم الفروع، خُير المقضي عليه أتباع الأصول والفروع، فإن اتبع الفروع لم يرجعوا على أحد، أو الأصول رجعوا على الفروع‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا شهدا بتعجيل الدًين وقال المطلوب‏:‏ مؤجل، وهو عين أو عرض، ورجعا بعد الأجل وغرما ربح ما أخرجا من يده إن كان لمثله ربح في ذلك الأجل، وقيل‏:‏ إذا رجعا بعد الأجل لم يضمنا، وإلا ضمن الربح‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا شهدا بهبة الدًين، أو البراءة منه، ضمناه إن كان الغريم مليًا وإلا غرما عند يُسره؛ لأنه حينئذ بعين ضرر الشهادة، ويغرمان في المثلي المثل، والعرض بمثل قيمته لأنه قيمي، أو مثله؛ لأنهما بالضمان صار إمكان الغريم‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا شهد برهن غرما منافعه، وإن مات فمنهما، وإن بيع في الدين رجعا عليه بما أديا عنه، ولهما فضل الثمن، وإلا أن يكون للغريم مال فيؤدي عن نفسه، ويرجع العبد إليهما بحال التي يرجع بها سالمًا أو معطى، وتلاف المبتاع بغير تفريط فهو كموت العبد، وإن تلف بغير بينة، وقيمته الكثيرة من الذين سقط الدَين قصاصا، وخير في فضل القيمة، إن أخذها من المرتهن بريء الراجعان، أو منهما رَجَعا بها على المرتهن‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا شهد أنه قارضه على الثلث وهو يدعي النصف، غرم السُدس فإن كان الربح دينارًا، فكلما اقتضى شيئا قسـ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏2 رجع عليهما بالسدس منه، وإذا تمادى العمل بعد القسمة على ما قضى به، وقد كان المال نُض، وأمكنت القسمة، ولم يضمنا ما هو بعد ذلك‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا شهدا أن الحاكم استحلفه فزالت عنه اليمين، ولم يغرما بالرجوع، أو شهدا أن اللصوص أخذوا الوَديعة؛ لم يغرما لأنه كان مصدقا إنما سقط عنه اليمين‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا شهدا بالمُساقاة فإن صار فيما ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ غريما أفضل لصاحب الحائط، وإن كان العامل المنكر ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ ولزمه ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ أو الدابة أو الأرض ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ ان كان صاحب الأصل ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ مدعي الأرض ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ لعمل والكراء، وغرما قيمته الفضل‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا شهدا أنه أجره يصبغ له ثوبهُ غرما قيمة الثوب ويطالبان الصباغ بالثوب يصبغه بدينار كما حكم به، وإن أخذ الصباغ من رب الثوب الدينار رجع به على الشاهدين، فإن رضي رب الثوب بالصبر حتى يخرج الثوب، فذلك له، فإن شاء أخذ ثوبه لنفسه، ودفع للصباغ دينارًا، قال‏:‏ أما أخذه فهو كمن عدا عليه الشاهدان بصباغ ثوبه وأخذ منه دينارًا، وهو الذي أخذه منه الصباغ، فيرجع به على الشاهدين، فإن أخذ الثوب دَفَع إليهما ما زاده الصبغ، أو يغرمهما قيمته، وكان الثوب لهما، وهذا على قول ابن القاسم في الغصب، وأشهب يرد لربه مصبوغا بغير غُرم كتزويق الدار‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا شهدا بكذا مضمون أو دابة بعينها، ورجعا بعد الحكم وقبل الحكم وقبل الحمل، دخلا مدخل المقضي عليه، فلها فضله‏,‏ وعليهما نقضه، فإن كان

عد يمين غرما فضل ما أخرجاهُ من يده ووله بيع ذلك الكراء ويبيعها بالفضل، وله إسلامه إليهما ولهما غُنمه وغُرمه، وله إبقاؤه لنفسه، ولا يتبعها بشيء، وله غُنمه وغُرمه، وله التمسك به، ومطالبتهما بالفضل وهذا إذا كان الطالب الكراء، أما إذا كان الطالب هو المكتري، والكري هو الجاحد، غرما لرب الظهر ما نقصاه من أجرته‏.‏

فـــرع

قال‏:‏ إذا شهدا بإجارة عبده سنين، غرما قيمته وأخذاه؛ لأنهما حالا بينهُ وبينه إلى أجل، وكذلك إن شهدا أنه أجره إلى مكة، والقيمة يوم خروجه من يومه بالحكم، ويقاصهما بما أخذ في إجارته وويتبع الشاهدان العبد حيث كــان‏.‏

بسم الله الرحمن الرحيم